الثلاثاء، 1 مايو 2012

الشرطة تمنع ناشينال جيوغرافيك من تصوير فيلم عن مأساة الأهوار

بغداد / زياد العجيلي - نقلا عن موقع جريدة المدى 
http://www.almadapaper.net
 

أدت إجراءات أمنية معقدة في مدينتي العمارة والناصرية إلى حرمان أهوار العراق من فيلم وثائقي مهم كانت تتولى تصويره ناشينال جيوغرافيك، وهي أهم مؤسسة دولية تعنى بتاريخ الطبيعة والبيئات البحرية والمائية النادرة وعالم الأصناف الحية المعرضة للانقراض،
فبعد أن تعرض فريق عمل أجنبي إلى الاعتقال مرتين أثناء تصوير الفيلم، غادر أفراده البلاد وقرروا إلغاء مهمتهم من أساسها.
وبدأت الحكاية حين اعتقلت القوات الأمنية في مدينة العمارة الصحفيين الأجانب العاملين في ناشينال جيوغرافيك بالإضافة إلى مترجمهم العراقي لمدة 6 ساعات بدعوى عدم امتلاكهم إذنا بالتصوير. ولم تنته الحكاية هنا إذ بعد أن أفرجت الشرطة عن الصحفيين، تعرضوا إلى اعتقال آخر في اليوم التالي ما انتهى بطردهم خارج المدينة بدعوى وجود "مخاطر عليهم من قبل مجاميع مجهولة الهوية".
وتهتم مؤسسة ناشينال جيوغرافيك بالبرامج الوثائقية العلمية والجغرافيا والعلوم الطبيعية، ولديها مجلة دولية مهمة وقناة تلفزيونية تبث برامجها بالعديد من اللغات، ولديها قناة باللغة العربية تبث بالتعاون مع مجموعة قنوات أبو ظبي.
سامي الهلالي مترجم الصحفيين الأجانب الذي يتأسف لان اهوار العراق المحرومة من دعم الحكومة، حرمت من فيلم دولي كان يمكنه تسليط الضوء على مأساة الطبيعة والإنسان، عبر ابرز مؤسسة دولية معنية بالجغرافيا، يقول في حديث مع "المدى" إن قوات أمنية في مدينة العمارة اعتقلت الأربعاء الماضي فريق عمل قناة ناشينال جيوغرافيك المكون من الصحفية كارولين ديرك وزميلها دونالد بيل، عندما كانوا يحاولون تصوير فيلم وثائقي في منطقة الأهوار بين العمارة والناصرية.
ويذكر الهلالي أن عناصر شرطة رافقوهم من مدينة الناصرية لحمايتهم، لم يتمكنوا من منع تعرضهم إلى الاعتقال في مدينة العمارة، كما أن الموافقات الأمنية والتنسيق مع السلطات في الناصرية لم ينفع في إقناع شرطة العمارة بأن مهمتهم مشروعة وأصولية.
ويحمل الهلالي الحكومة المحلية في العمارة مسؤولية الاعتقال وفشل المهمة الصحفية، ويقول إن عملية الاعتقال جاءت بعد "فخ" نصبه لهم فرحان سالم رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة ميسان. ويوضح "حين وصلنا إلى ناحية العدل التقينا السيد سالم فرحب بنا وألح على أن نتناول وجبة غداء في مجلس عزاء كان يتواجد فيه، ولكن اتضح فيما بعد أن السيد سالم كان يكسب الوقت ليتصل بقوات أمنية، وانتهى الأمر باعتقالنا والتحقيق معنا طوال ساعات لفهم أسباب وجودنا في المدينة".
وبعد مساع عدة تدخلت قيادة عمليات بغداد وطلبت الإفراج عن الفريق الصحفي، ما انتهى بإبعادهم إلى مدينة الناصرية. لكن الهلالي يقول "تصورنا أن المشكلة انتهت وقمنا بتنسيق امني جديد لكننا تفاجأنا حين وصلنا في اليوم التالي إلى سيطرة منطقة السلام عند مدخل محافظة ميسان، بقوات عسكرية عادت واحتجزتنا مجددا مدة نصف ساعة". وتابع "لم نفهم شيئا سوى أن هناك من يمنع مهمتنا، لقد اخبرونا بطريقة غامضة أن هناك خطرا على حياتنا وان من الضروري أن نعود إلى بغداد".
"المدى" سألت فرحان سالم رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس محافظة ميسان، عن أسباب اعتقال الصحفيين الأجانب، لكنه نفى أي علاقة له بالأمر. وقال في اتصال هاتفي انه ليس طرفاً باعتقالهم "وانه حرص على استقبالهم بشكل لائق".
وأوضح "كنت أتحدث مع الصحفيين واستفسر عن دواعي دخولهم المدينة وإذا ما كانوا قد حصلوا على موافقة الأجهزة الأمنية، حينها سمع رجال الأمن تفاصيل الحديث وقاموا بالاتصال بغرفة العمليات فأرسلت قوة من الشرطة تولت توجيه مجموعة استفسارات إلى الصحفيين بهدف تأمين تحركهم في المدينة، وهذا ما أدى لبقائهم بعض الوقت لدى الشرطة".
ويضيف دون تفاصيل كثيرة "كنا قلقين على وضعهم الأمني في منطقة الأهوار، وأردنا توفير حماية لهم في تلك المناطق النائية، والشرطة هي التي تكفلت بالموضوع ولا تعليق لدي على فشل المهمة الصحفية في نهاية المطاف".
وتعرضت الاهوار العراقية إلى التجفيف نهاية القرن الماضي وهجر الآلاف من أهاليها ودمرت طبيعة ساحرة كانت تمتد من جنوب الكوت حتى شمال البصرة وتتميز بتنوع الثروات السمكية وتجتذب أصنافا فريدة ومتنوعة من الطيور المهاجرة، وظلت على مدى عقود تغري الصحفيين والرحالة بالكتابة عنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق